بين مطرقة الحرب وسندان التضليل: الصحافة السودانية في يومها العالمي
3 مايو 2025
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة تحت شعار “التغطية في عالم جديد جريء – تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والإعلام”، والذي تُعقد فعالياته الرئيسية في العاصمة البلجيكية بروكسل بتاريخ 7 مايو، يقف السودان في الضفة المقابلة من هذا المشهد، حيث تكاد تغيب فيه حرية الصحافة كليًا، وتختنق الكلمة الحرة تحت وطأة الحرب، والتضليل، والانقسام.
منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، دخلت الصحافة السودانية نفقًا مظلمًا لا تكاد تبصر فيه النور. فبدلًا من أن تكون أداة لكشف الحقيقة ومناصرة الضحايا، أضحت في كثير من الأحيان سلاحًا يُستخدم ضمن ترسانة الحرب النفسية والإعلامية، بفعل الاستقطاب الحاد، وهيمنة أطراف الصراع على أدوات الإعلام. ففي المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفعلية في بورتسودان، مُنعت قنوات فضائية دولية ومحلية من العمل، وتم تكميم الأصوات المستقلة، وتحولت وسائل الإعلام الرسمية إلى بوق لترويج خطاب عسكري يخدم مصالح النظام القديم الساعي للعودة عبر الجيش، ويضلل الرأي العام المحلي والدولي على حد سواء.
وقد وثّقت منظمات حقوقية محلية ودولية مقتل أو اختفاء ما لا يقل عن 40 صحفيًا، واعتقال واحتجاز 239 آخرين، فيما تم تسجيل ما مجموعه 556 انتهاكًا ضد الصحفيين منذ اندلاع الحرب. وقد تنوعت هذه الانتهاكات بين القتل، والتعذيب، والاختفاء القسري، والاعتقالات التعسفية، والملاحقات الأمنية، والتهديدات، والتشهير، في ظل غياب تام لأي ضمانات قانونية أو حماية مهنية.
وما يزيد المشهد قتامة هو استخدام خطاب الكراهية والعنصرية كسلاح فتاك يهدد تماسك المجتمع السوداني، ويقسمه على أسس العرق والدين والانتماء الجغرافي. وقد انعكس هذا الانقسام بشكل مباشر على الجسم الصحفي، حيث انجرّ عدد من الصحفيين والمراسلين خلف روايات مضللة، وروّجوا لسرديات موجهة، أُنتجت باحترافية ظاهرية لكنها خالية من المصداقية. الأمر الذي دفع بعض المنظمات الدولية والمراقبين إلى عدم الوثوق تلقائيًا بأي محتوى صادر عن الإعلام السوداني دون تحقق مستقل ودقيق.
وفي هذا اليوم العالمي، نُذَكّر بأن الصحافة ليست طرفًا في النزاع، بل هي شاهدٌ عادلٌ وضميرٌ حيّ يجب أن يقف إلى جانب الضحايا والحقيقة، لا أن يتحوّل إلى أداة طيعة في يد من يزرعون الفتنة والدمار. ونحذر من أن انحدار الصحافة السودانية نحو الاستقطاب والتبعية، سيقوّض كل إمكانية مستقبلية للعدالة والمصالحة وبناء الدولة.
وعليه، فإننا في المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية نطالب بما يلي:
1.إطلاق سراح جميع الصحفيين المعتقلين فورًا، وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية.
2.وقف كافة أشكال الانتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ومحاسبة المسؤولين عنها وفق القانون.
3.تمكين المؤسسات الإعلامية المستقلة من العمل بحرية في كافة أنحاء السودان، دون تمييز أو تقييد.
4.حظر استخدام الإعلام لنشر خطاب الكراهية والتحريض، وتبني ميثاق شرف إعلامي يضمن المهنية والنزاهة.
5.دعم مبادرات التحقق من المعلومات ومكافحة التضليل الإعلامي، خاصة في زمن الحروب والنزاعات.
إنّ حماية حرية الصحافة ليست ترفًا، بل شرط أساسي لبناء مجتمعات حرة وديمقراطية. وفي السودان، لا يمكن الحديث عن أي سلام مستدام أو انتقال مدني حقيقي، دون إعلام حرّ ومستقل، يُنير طريق الحقيقة، ويُعطي صوتًا لمن لا صوت لهم.
للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.