المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية التجنيد القسري وتوظيف السفارات في عمليات الاستدراج والإعادة القسرية للشباب السوداني 7 نوفمبر 2025
المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية
التجنيد القسري وتوظيف السفارات في عمليات الاستدراج والإعادة القسرية للشباب السوداني
7 نوفمبر 2025
يشهد السودان، منذ سقوط مدينة الفاشر تحولات عميقة في طبيعة الصراع واتساع نطاق الانتهاكات التي تمارسها القوات المسلحة وحلفاؤها ضد المدنيين، خاصة فئة الشباب.
فقد اعتمد الجيش، بعد خسارته مواقع إستراتيجية في دارفور، سياسة ممنهجة لتعويض عجزه البشري من خلال تجنيد قسري واسع النطاق، مدعومة بشبكة من الإجراءات الإدارية والأمنية داخل البلاد وخارجها، تستهدف التحكم في حركة المواطنين وتحويلهم إلى وقود لحرب فقدت معناها الأخلاقي والسياسي.
تشير المعلومات الموثقة التي حصلت عليها المنظمة من شهود عيان ومصادر ميدانية مستقلة إلى أن القوات المسلحة السودانية فتحت معسكرات تجنيد في عدة ولايات تخضع لسيطرتها، وأقامت نقاط تفتيش خاصة لملاحقة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا. كما سُجلت حالات عديدة لتجنيد أطفال دون السن القانونية، في انتهاك واضح للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة. وفي الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش، أصبحت عمليات المداهمة والاعتقال الجماعي ممارسة يومية؛ تُقتاد خلالها مجموعات من الشباب من الشوارع والمنازل قسرًا إلى معسكرات التجنيد، دون علم أسرهم أو موافقتهم، ويُجبرون على الانخراط في ما يسمى بـ«كتائب حرب الكرامة».
بالتوازي مع ذلك، لجأت السلطات العسكرية إلى سياسات حرمان إداري واسعة تمثلت في منع استخراج جوازات السفر والوثائق الثبوتية، في محاولة لعزل فئة الشباب ومنعهم من مغادرة البلاد. هذه الإجراءات التعسفية تمثل عقوبة جماعية غير معلنة وتكشف عن توجه مؤسسي لاحتجاز المواطنين داخل حدود الدولة وتحويلهم إلى عناصر احتياط قسري.
الأخطر من ذلك أن الانتهاك تجاوز حدود السودان الجغرافية ليأخذ بعدًا إقليميًا من خلال توظيف البعثات الدبلوماسية كأدوات ضغط وابتزاز سياسي. فقد أثبتت معلومات متقاطعة من مصادر دبلوماسية ومجتمعية أن سفارات السودان في يوغندا، ومصر، وجنوب السودان، وتشاد أصبحت منخرطة بشكل مباشر في حملات منظمة تهدف إلى استدراج أو إجبار الشباب السودانيين في الخارج على العودة، تحت غطاء ما يُسمى بـ«العودة الطوعية».
ولتحقيق ذلك، شُكلت داخل هذه السفارات لجان تتولى حصر اللاجئين والنازحين، وممارسة الضغط النفسي عليهم، بل واللجوء إلى اختلاق صراعات داخل معسكرات اللجوء. ففي أوغندا، استُقدمت مجموعات من أبناء النوير لإثارة اضطرابات دامية أودت بحياة عدد كبير من السودانيين، ما أدى إلى تبرير تدخل السلطات المحلية وإغلاق المعسكرات أو تفكيكها. كما تكررت أنماط مشابهة في الخرطوم وجزيرة السودان باستهداف لاجئين من جنوب السودان لإثارة ردود فعل انتقامية في جوبا، لطرد لاجئين سودانيين وإعادتهم قسرًا. هذه الوقائع تمثل نمطًا من “الهندسة السكانية العسكرية” التي يسعى الجيش من خلالها إلى توفير مجندين عبر تدوير الأزمات الإنسانية في السودان .
إن هذه السياسات تكشف عن أزمة بنيوية عميقة في المؤسسة العسكرية السودانية، التي فقدت قدراتها المهنية وانحرفت عن مهامها الدستورية لتتحول إلى أداة في يد التيار الإسلاموي الذي يسعى إلى إعادة إنتاج نظامه القديم بوسائل الحرب. فقد عمل نظام الإنقاذ منذ تسعينيات القرن الماضي على تفكيك الجيش التقليدي وإضعافه عمدًا، واستبداله بميليشيات موالية مثل كتائب الظل والدفاع الشعبي، لضمان الولاء الأيديولوجي والسيطرة السياسية.
واليوم، يتجلى إرث تلك السياسات في هيمنة ضباط مؤدلجين ومرتبطين إثنيًا وطبقيًا بمراكز السلطة القديمة، ما يجعل القرارات العسكرية انعكاسًا لصراعات أيديولوجية أكثر من كونها استجابة لمقتضيات الأمن الوطني.
من الناحية القانونية، تمثل هذه الممارسات انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية، واتفاقية حقوق الطفل، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أنها تتنافى مع مبدأ عدم الإعادة القسرية (Non-Refoulement) المنصوص عليه في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، حين تُمارس ضغوط على لاجئين للعودة إلى بلد يواجهون فيه خطر التجنيد أو الموت.
إن استخدام السفارات كمراكز للتعبئة العسكرية يعد سابقة خطيرة في السلوك الدبلوماسي الحديث، ويقوّض مبدأ الوظيفة المدنية للسفارات كما نصت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تُلزم البعثات باحترام قوانين الدولة المضيفة والامتناع عن أي نشاط ذي طبيعة عسكرية أو أمنية.
بناءً على ما تقدم، ترى المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية أن ما يجري ليس مجرد انتهاكات متفرقة، بل سياسة دولة تقوم على عسكرة المجتمع السوداني وتحويل الشباب إلى مورد حربي تحت الإكراه، ما يهدد النسيج الاجتماعي للسودان ويقود إلى انهيار كامل لمبدأ المواطنة والمساواة أمام القانون.
ختامًا، تؤكد المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية أن استمرار هذا النمط من السياسات لا يهدد فقط السلم الأهلي في السودان، بل يقوّض الأمن الإقليمي ويخلق موجات جديدة من النزوح والفوضى. وإذ تضع المنظمة هذه الحقائق أمام المجتمع الدولي، فإنها تلتزم بمواصلة الرصد والتوثيق والمناصرة ومخاطبة الهيئات الأممية والإفريقية لكشف الحقائق ودحض التضليل الذي تمارسه حكومة بورتسودان، دفاعًا عن قيم العدالة وحق السودانيين في الحياة الكريمة والحرية والسلام.
للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.