OAAHD

المنظمة الأفريقية للعمل الإنساني والتنمية تعنّت الجيش السوداني وعرقلته المتكرّرة للمبادرات السلمية 6 نوفمبر 2025

المنظمة الأفريقية للعمل الإنساني والتنمية

تعنّت الجيش السوداني وعرقلته المتكرّرة للمبادرات السلمية

6 نوفمبر 2025

تتابع المنظمة الأفريقية للعمل الإنساني والتنمية ما تشهده الساحة السودانية من تصاعدٍ خطيرٍ في الصراع المسلح وتدهورٍ مستمرٍ في الأوضاع الإنسانية، في وقتٍ تتكثف فيه الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف الحرب ووضع حدٍّ للمأساة التي يعيشها الشعب السوداني منذ اندلاعها في الخامس عشر من أبريل 2023. ورغم تعدد المبادرات وتنوع الوسطاء، إلا أنّ الجيش السوداني ظلّ العقبة الكبرى أمام أي مسعى جادٍّ لتحقيق السلام، متمسكًا بخيار الحرب، ومعتمدًا نهجًا يقوم على نقض العهود وتضليل الرأي العام واتهام الوسطاء بالانحياز كلما فشلت خططه الميدانية.

ترى المنظمة أنّ المشهد السياسي والعسكري في بورتسودان بات أكثر تعقيدًا مع تعدد مراكز القرار داخل المؤسسة العسكرية، وتنامي نفوذ التيار الإسلامي الذي يوجّه السياسات العامة ويضغط على القيادات العسكرية بالتهديد والتخوين متى ما ظهرت بوادر انفتاحٍ نحو الحلول السلمية. هذا التنازع الداخلي جعل من حكومة بورتسودان واجهةً سياسية بلا إرادة، خاضعةً لإملاءات عناصر النظام السابق التي تتحكم في مفاصل القرار العسكري والأمني وتستخدم الجيش كأداةٍ لإعادة إنتاج حكمها المرفوض شعبياً. ونتيجة لذلك، تواصل المؤسسة العسكرية رفضها لأي مقترحاتٍ تهدف إلى وقف الحرب أو فتح الممرات الإنسانية، وتصرّ على الخيار العسكري رغم الخسائر الفادحة التي لحقت بالمدنيين والبنية التحتية في مختلف أقاليم السودان.

لقد أثبتت الوقائع أن الجيش لا يسعى إلى السلام بقدر ما يستخدم لغة التفاوض كغطاءٍ لاستمرار عملياته العسكرية، فيما يستغل الخطاب الوطني لإذكاء الكراهية القبلية والجهوية، في سياسةٍ قديمة تتّبع نهج “فرّق تسد” الذي عرف به النظام الإسلامي منذ مجيئه إلى السلطة في عام 1989. وتتابع المنظمة بأسفٍ بالغ الحملات الدعائية المضلِّلة التي تشنها الأجهزة الإعلامية التابعة لبورتسودان لتبرير القتل والتدمير بذريعة “معركة الشعب” و”استرداد الدولة”، بينما يدفع المدنيون العُزّل الثمن الأكبر في القصف الجوي والبرّي وحرمانهم من المساعدات الأساسية.

منذ اندلاع الحرب، تقدّمت أطرافٌ إقليمية ودولية بعددٍ من المبادرات الرامية إلى تحقيق السلام، غير أن الجيش السوداني قابلها جميعًا بالرفض أو الانسحاب أو خرق الاتفاقات الموقعة. ففي ديسمبر 2023 أطلقت الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) مبادرتها الأولى لعقد لقاء مباشر بين الطرفين، تجاوبت معه قوات الدعم السريع بينما رفض الجيش المشاركة وشنّ حملة اتهاماتٍ ضد الإيقاد بالانحياز، معلنًا عداءه العلني لها. وفي مايو 2024 جاءت محادثات جدة برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وأسفرت عن اتفاقٍ لوقفٍ مؤقتٍ لإطلاق النار وتسهيل المساعدات الإنسانية، لكن الجيش خرق الاتفاق خلال أيامٍ معدودة واستأنف عملياته العسكرية في خرقٍ فاضحٍ لما وقّع عليه. كما تعاملت حكومة بورتسودان بعدائيةٍ مع مبادرة المنامة في يوليو 2024 ووصفتها بأنها “تدخل خارجي”، وهو ما عمّق عزلة السودان الإقليمية. وفي فبراير 2025 انسحب وفد الجيش من مشاورات جنيف قبل انطلاقها بحجة “رفض الوساطات الموازية”، في حين كانت المبادرة الجديدة التي طرحتها الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر) في أكتوبر 2025 فرصة حقيقية لإرساء هدنةٍ إنسانية تمهيدًا لحوارٍ سياسي شامل، إلا أنّ الجيش أفشلها بإعلانه التعبئة العامة والدعوة إلى “معركة الشعب”، متحديًا الإرادة الدولية بينما أعلنت قوات الدعم السريع التزامها العلني بها.

لقد تجاوز سلوك الجيش حدود التعنّت إلى عداءٍ صريحٍ للمؤسسات الإقليمية والدولية، حيث شنّ حملاتٍ منظمة ضد الإيقاد والاتحاد الأفريقي والبعثات الأممية، في محاولةٍ لعزل السودان عن محيطه ومنع أي رقابة على انتهاكاته، وإضفاء شرعيةٍ زائفةٍ على سلطةٍ فاقدةٍ للتفويض الشعبي. إن هذا النهج يُعدّ انتهاكًا صريحًا لالتزامات السودان الدولية بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف لعام 1949، وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بحماية المدنيين، ومبدأ “مسؤولية الحماية” الذي يُلزم المجتمع الدولي بالتدخل حين تفشل السلطات الوطنية في حماية مواطنيها أو تتقاعس عن ذلك.

انطلاقًا من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، تدعو المنظمة الأفريقية للعمل الإنساني والتنمية المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطواتٍ عمليةٍ ورادعة تجاه الأطراف التي تعاند جهود السلام، بما في ذلك فرض عقوباتٍ فردية على القادة العسكريين المعرقلين، وتجميد أصولهم وحظر سفرهم، وتحجيم الدور الدبلوماسي لحكومة بورتسودان ووقف الاعتراف بها كممثلٍ شرعيٍ للشعب السوداني إلى حين التوصل إلى تسويةٍ سياسية شاملة. كما تدعو المنظمة إلى تعزيز دور الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد في مراقبة أي هدنةٍ إنسانية وضمان وصول المساعدات دون تمييز أو تسييس، وضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني والقوى الوطنية المستقلة في أي حوارٍ قادم يهدف إلى إعادة بناء الدولة السودانية على أسس العدالة والمواطنة المتساوية.

إن استمرار تعنّت الجيش السوداني ورفضه المتكرر للمبادرات السلمية يهددان وحدة السودان واستقراره، ويطيلان أمد المأساة الإنسانية التي يعيشها شعبه. وتؤكد المنظمة أن الصمت الدولي تجاه هذا السلوك يمثل تواطؤًا غير مباشرٍ في استمرار الكارثة، ويقوّض فرص الوصول إلى سلامٍ عادلٍ ودائم. وتجدّد المنظمة الأفريقية للعمل الإنساني والتنمية التزامها بمواصلة جهودها في الرصد والتوثيق والمناصرة ومخاطبة المؤسسات الدولية والإقليمية، والعمل من أجل فرض المساءلة على مرتكبي الانتهاكات وإنهاء الحرب، تمهيدًا لبناء دولة العدالة والسلام والمواطنة.

للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en

التعليقات مغلقة.