المنظمة الإفريقية-الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية أحداث الفاشر والجانب الخفي من نشوب الحرب في السودان: الجذور، الفاعلون، والنتائج. الأول من نوفمبر 2025
المنظمة الإفريقية-الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية
أحداث الفاشر والجانب الخفي من نشوب الحرب في السودان: الجذور، الفاعلون، والنتائج.
الأول من نوفمبر 2025
تُتابع المنظمة الإفريقية-الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية، بقلقٍ بالغ واهتمامٍ متواصل، تسلسل الجرائم والانتهاكات الواسعة التي شهدتها مدينة الفاشر مؤخرًا، وما رافقها من عملياتٍ عسكريةٍ اتسمت بدرجةٍ عالية من التنظيم والتخطيط الاحترافي الدقيق، تُشير بوضوح إلى عقليةٍ مركزيةٍ تمتلك خبرةً طويلة في إدارة الفوضى وخلق النزاعات، بغرض إعادة هندسة المشهد السياسي والاجتماعي السوداني على نحوٍ يخدم مصالح نخبة محدودة ظلت تمسك بزمام السلطة منذ عقود.
إنّ ما حدث في الفاشر ليس حدثًا معزولًا، بل يمثل حلقة جديدة في سلسلة ممنهجة من الجرائم التي تُمارسها أطراف من داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، تُدار بعقل الإسلام السياسي الذي استولى على السلطة في يونيو 1989، وأقام بنيانه على سياسة «فرّق تسُد» وتقويض البنية الاجتماعية للدولة السودانية عبر تأجيج النعرات القبلية والدينية والجهوية.
وقد أعادت الأحداث الأخيرة كشف الوجه الحقيقي للحركة الإسلامية التي حاولت لسنواتٍ التمويه على طبيعتها الأيديولوجية المتطرفة خلف شعارات الدولة والدين والوطن. فبعد سقوط مدينة الفاشر، برز خطابها العلني في حديث رئيسها علي كرتي الذي أعلن بوضوح أن الحرب الراهنة “معركة وجود للمشروع الإسلامي”، وهو اعترافٌ يرفع الغطاء عن الطبيعة العقائدية للنزاع، ويؤكد أنّ الحرب ليست للدفاع عن الدولة، بل لإعادة تمكين منظومةٍ فقدت شرعيتها السياسية والأخلاقية.
كما تجلّى هذا الاصطفاف في التضامن الذي حظيت به الحركة الإسلامية من نظيراتها حول العالم، لا سيما في تركيا وقطر ومنصاتها الإعلامية، في مسعى لتلميع صورة النظام القديم وتبرير جرائمه، عبر رواياتٍ مزيّفة تحاول قلب الحقائق، وتحميل الضحايا مسؤولية الجرائم الواقعة عليهم.
وفي الفاشر كما في الجزيرة وغرب دارفور ونيالا والكومة والمزروب، تكررت الأنماط ذاتها من الجرائم: استهداف المدنيين، الحرق المتعمد، التهجير القسري، والتصفية على الهوية. ومع ذلك، لم تُرسل أي بعثاتٍ دولية أو إقليمية مستقلة لمعاينة مسرح الجريمة، بل اكتفت منظماتٌ محددة بإصدار بيانات مبنية على روايات أحادية ومنحازة، كثيرٌ منها منظمات حكومية غير حكومية (GNGOs) تموّلها سلطات بورتسودان وتُستخدم كأذرعٍ ناعمة لتزييف الوقائع، أو منظمات ذات خلفيات سياسية أيديولوجية متطرفة، يمينية أو يسارية، ظلت لعقودٍ جزءًا من منظومة الهيمنة والاستئثار بالثروة والسلطة.
أما على الجانب الآخر، فقد ظهرت منظمات جديدة تمثل ضحايا الانتهاكات، لا سيما من القبائل الإفريقية في دارفور التي ذاقت ويلات الإبادة والحرق والاغتصاب منذ عام 2003. إلا أن المفارقة المؤلمة أن بعض هذه الكيانات، بفعل الذاكرة الانتقائية أو الاندفاع السياسي القصير النظر، التحقت اليوم مجددًا بمعسكر الجلاد القديم نفسه، متناسية أنه هو من أنشأ مليشيات الجنجويد الأولى (قوات حرس الحدود) التي نفذت أفظع الجرائم بحقهم. واليوم تتكرر الصورة بتمويهٍ جديد، حيث يُطلَق ذات الوصف “الجنجويد” على خصومٍ آخرين، فيما يتم التحالف مع القتلة الأصليين الذين أُعيد تدويرهم داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الحالية!
إنّ هذه البنية المتكررة للجريمة والتضليل، التي تتقن فيها ذات النخب ارتكاب الفظائع والتنصل منها بإتقانٍ إعلامي، قد أربكت الرأي العام الدولي والمنظمات الإقليمية التي وقعت ضحية سرديةٍ مضللةٍ صُنعت باحتراف في مكاتب بورتسودان وبعض العواصم الداعمة.
لقد نجح العقل الإسلاموي في تحويل المجرم إلى ضحية، والضحايا إلى متهمين، من خلال إعادة تعريف الصراع في الإعلام والمنابر الدولية وفق مفردات تخدم بقاءه واستمراره.
إنّ المنظمة الإفريقية-الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية تؤكد أنّ أيّ معالجةٍ سطحية للأزمة السودانية ستظل قاصرة ما لم تُفتح جذور القضية بشجاعة وموضوعية. فالصراع في جوهره ليس بين جنرالين، بل بين مشروعين متناقضين: مشروع الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على المواطنة، ومشروع الدولة الأيديولوجية القائمة على الاستبداد الديني والتمييز.
إنّ تجاهل هذا البعد البنيوي يعني إعادة إنتاج الحرب في كل جيلٍ جديد، بوجوهٍ مختلفة، وبذات العقلية الإقصائية التي تُعيد تدوير الخراب باسم الدين والوطن.
وعليه، تدعو المنظمة إلى ما يلي:
1. فتح تحقيق دولي موسّع ومستقل يشمل كافة الفاعلين الحقيقيين داخل منظومة الحركة الإسلامية وأجهزتها العسكرية والأمنية والداعمين الإقليميين والدوليين.
2. تجميد أيّ تعاونٍ مؤسسي مع المنظمات الحكومية غير الحكومية (GNGOs) التي ثبت تورطها في التضليل والتلاعب بالمعلومات الميدانية.
3. فرض حظر شامل على الطيران العسكري فوق المناطق المدنية في السودان، استنادًا إلى مبادئ القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف الأعيان المدنية تحت أي مبرر.
4. وضع آلية مراقبة دولية مستقلة لحركة النزوح والتجنيد القسري الذي يتم حاليًا عبر معابر الدبة وشمال السودان وشرقها، وإخضاعها لرقابة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
5. تبني مقاربة شاملة للحل تعالج جذور الأزمة التاريخية القائمة على التهميش والتمييز العرقي والديني، بدلًا من الحلول العسكرية أو الصفقات السياسية قصيرة الأجل.
وختامًا، تؤكد المنظمة أنّ السكوت الدولي عن هذه الجرائم الممنهجة يمثل تواطؤًا صامتًا، وأن تجاهل النمط المتكرر لمرتكبيها سيفتح الباب أمام مرحلةٍ أكثر عنفًا وتعقيدًا. إنّ وقف الحرب في السودان لن يتحقق إلا بقطع الشريان الفكري والمالي والسياسي الذي يُغذّي آلة القتل منذ عقود.للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.