بيان عن اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن السودان
5 أغسطس 2025
تُعرب المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية عن قلقها العميق إزاء مخرجات جلسة مجلس السلم والأمن الأفريقي المنعقدة بتاريخ 4 أغسطس 2025، والتي خُصصت لمناقشة تطورات الأزمة السودانية، وشهدت مشاركة ممثل حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، في تجاهل واضح لتعقيدات الوضع الميداني والإنساني والسياسي الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
إن السماح بتمثيل أحادي لطرف واحد في نزاع داخلي معقد كهذا يتناقض مع المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد الأفريقي، ويُضعف من مصداقية الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية شاملة ومستدامة. فالواقع السوداني يشير إلى انقسام حاد وتعدد قوى مدنية وسياسية واجتماعية فاعلة لا يمكن تجاوزها أو اختزال البلاد في طرف واحد يفتقر إلى الإجماع الوطني.
وفي هذا السياق، ترفض المنظمة دعوات بعض الدول الأعضاء – ومنها جمهورية مصر العربية – التي طالبت برفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي دون توفر شروط الحد الأدنى من الشرعية الدستورية والمؤسسية، ودون توافق وطني جامع يُمثل الإرادة السودانية الحقيقية. إن رفع التجميد في ظل هذه الظروف يُعد سابقة خطيرة قد تُستخدم لتبييض الانقلابات والنزاعات المسلحة في القارة، وتشجيع سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.
كما تُبدي المنظمة قلقها البالغ من التحولات الخطيرة التي طرأت على بنية القوات المسلحة السودانية، والتي فقدت طابعها القومي المهني، وأصبحت ملاذًا لتشكيلات مسلحة غير نظامية. وتشير تقارير موثوقة إلى إنشاء ما لا يقل عن أربعين مليشيا جديدة مرتبطة بها خلال فترة الحرب، إضافة إلى تعبئة مدنية قائمة على خطاب إقصائي وتمييزي، وتفعيل ما يسمى بـ”قانون الوجوه الغريبة”، ما أدى إلى موجات من الاعتقال التعسفي والانتهاكات بحق المدنيين في مناطق متعددة.
وقد وثّقت جهات حقوقية مستقلة استخدام أدوات قمع تتعارض مع القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك تقارير عن استخدام أسلحة كيميائية في مناطق مأهولة، وارتكاب انتهاكات جسيمة من قبل مجموعات عقائدية مسلحة مرتبطة بتكوينات عسكرية، من بينها عمليات قتل خارج القانون، وتشويه للجثث، وتهديد صريح للمدنيين بالذبح والتصفية. وتشير التقارير إلى بروز ما يُعرف بـ”كتائب البراء” كفاعل ميداني مباشر في هذه الانتهاكات، وهو تطور يتطلب تحقيقًا عاجلًا وشفافًا من قبل آلية إقليمية مستقلة.
وفي ضوء هذه المعلومات، تطالب المنظمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) بإيفاد فريق من خبرائها إلى السودان، للتحقيق العاجل والميداني حول التقارير الواردة بشأن استخدام أسلحة كيميائية، وضمان المساءلة في حال ثبوت استخدامها ضد المدنيين، بما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وإذ تُحمّل المنظمة هذه المؤسسة العسكرية، في وضعها الحالي، المسؤولية التاريخية عن عدد من الصراعات التي أودت بحياة الملايين، كما حدث في جنوب السودان قبل الانفصال، وفي جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، فإنها تؤكد أن معالجة الأزمة السودانية تقتضي إصلاحًا هيكليًا شاملاً للمؤسسة الأمنية والعسكرية، وبناء جيش قومي موحد يخضع للقيادة المدنية، ويستند إلى عقيدة وطنية جامعة تحفظ كرامة المواطن ولا تُشكل تهديدًا له.
تدعو المنظمة الاتحاد الأفريقي إلى إعادة النظر في منهج تعامله مع الأزمة السودانية، والانتقال من منطق التمثيل الرسمي إلى منطق العدالة الشاملة والاستماع إلى كافة الأطراف المدنية والاجتماعية، خاصة ضحايا الحرب والمنظمات الحقوقية المستقلة. كما تجدد مطالبتها بتشكيل آلية أفريقية مستقلة لتقصي الحقائق والتحقيق في الانتهاكات المرتكبة من جميع الأطراف، تمهيدًا لوضع أسس عدالة انتقالية عادلة وغير انتقائية، وتفكيك منظومات العنف المنظم التي عطلت مشروع بناء الدولة السودانية الحديثة.
ختامًا، تؤكد المنظمة أن السلام الحقيقي في السودان لن يُبنى على تفاهمات فوقية أو مقاربات جزئية، بل على عملية وطنية شاملة تُعيد الاعتبار لكرامة الإنسان السوداني، وتؤسس لحكم مدني ديمقراطي قائم على سيادة القانون والمساءلة والعدالة والمساواة.
للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.