بيان موجه إلى السيد/ مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية
18 أغسطس 2025
تتقدم المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية بخالص التقدير لجهودكم ومساعيكم الدؤوبة في البحث عن حلول جادة وعاجلة للأزمة السودانية. إن الحرب التي تعصف بالسودان لم تعد نزاعاً سياسياً محدوداً، بل تحولت إلى مأساة وطنية شاملة تهدد بقاء الدولة ومصير شعبها، وتجاوزت في فظاعتها الأطر التقليدية للنزاعات، حتى بلغت مستوى الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، بما يشكل خطراً مباشراً على السلم الإقليمي والدولي.
لقد أثبت التاريخ السوداني الحديث أن هذه الحرب ليست حدثاً عارضاً، بل امتداد لمسار طويل من الحروب التي قامت على هيمنة أقلية ضيقة على مقدرات البلاد وتهميش الأغلبية في الشرق وجبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، وصولاً إلى الحرب التي أفضت إلى انفصال جنوب السودان. إن القاسم المشترك بين هذه الحروب يتمثل في التمييز العنصري البنيوي والإقصاء الممنهج واحتكار السلطة والثروة. واليوم، يضاف إلى ذلك الدور الواضح للنظام الإسلامي الساعي إلى العودة للسلطة عبر كتائبه المتعددة التي باتت تتحكم في الجيش السوداني وتقاتل علناً في الميدان.
إننا نؤمن بأن الدور الأمريكي، بما يحمله من ثقل سياسي وأخلاقي، يمثل بارقة الأمل الأخيرة قبل انهيار شامل لا يمكن تداركه. وقد عبّرت الإدارة الأمريكية غير مرة عن رفضها الاعتراف بأي حكومة تُعطل مسيرة الانتقال المدني، وهو موقف يجد منا كامل التأييد. ومن هذا المنطلق، نرى أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان لم تكتف بتقويض أي مساعٍ للسلام، بل تعمدت تعطيل كل جهد إقليمي أو دولي لإنهاء الحرب، بينما تسعى لاكتساب شرعية لا تستند إلى أي أساس شعبي أو دستوري، الأمر الذي يستوجب تحجيم حضورها الدبلوماسي على مختلف المستويات.
لقد أثبتت التجارب والاتفاقيات السابقة (نيفاشا، أبوجا، الدوحة، جوبا) أنها لم تُنتج سلاماً دائماً، لأنها بُنيت على صفقات لتقاسم السلطة بين النخب، دون مشاركة حقيقية للقواعد الشعبية، وهو ما عمّق الانقسامات وأعاد إنتاج الأزمة في أشكال جديدة. واليوم، بات من الواضح أن أي تسوية مستقبلية لا تقوم على إشراك فعلي للقوى المجتمعية والمدنية في الداخل، ستكرر ذات الأخطاء وتُفضي إلى مزيد من الدماء والانقسامات.
وعليه، نؤكد على ما يلي:
1.أن وقف الحرب يتطلب ضغطاً فورياً ومباشراً على طرفي النزاع معاً، ورفض أي تسويات شكلية لا تُخاطب جذور الأزمة.
2.أن أي لقاءات أو مشاورات بشأن السودان يجب أن تكون علنية وشفافة في أهدافها، منعاً لاستغلالها من قبل الأطراف المتحاربة.
3.أن الشعب السوداني لم يمنح تفويضاً حصرياً لأي جهة لتمثيله، وأن الشرعية لا تُستمد إلا من التفويض الشعبي داخل البلاد.
4.أن الوضع في مدينة الفاشر يفرض تدخلاً عاجلاً لحماية المدنيين وإجلائهم، إذ لم تعد هناك مؤشرات على وقف القتال، فيما لم يكن انسحاب قوات الدعم السريع مطروحاً ضمن صراع النفوذ، ما يجعل بقاؤها في مسرح الاقتتال تهديداً مباشراً لحياة مئات الآلاف.
5.أن الولايات المتحدة مدعوة للدفع نحو إصدار قرار مُلزم من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، يوقف الأعمال العدائية فوراً ويؤسس لآلية دولية لمراقبة وحماية المدنيين.
كما نطالب بفرض عقوبات صارمة وموجّهة على قادة الحرب ومموليها، تشمل تجميد الأرصدة، حظر السفر، وتعطيل شبكات التمويل القائمة على تجارة الذهب والموارد الطبيعية، باعتبارها الوقود الأساسي لاستمرار الحرب.
إن مأساة السودان لم تعد شأناً داخلياً أو إقليمياً فحسب، بل تحولت إلى قضية إنسانية وأخلاقية ذات أبعاد عالمية. وهي اختبار حقيقي للمجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، لإثبات أن قيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان ليست شعارات نظرية، بل التزام عملي يضع حداً لهذه الكارثة، ويفتح الطريق أمام سلام عادل ومستدام يعيد للشعب السوداني حقه في الحياة والحرية والكرامة.
للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.