قضية: Kashef et al. v. BNP Paribas S.A. لاجئين سودانيين ضد بنك بي إن بي باريبا
18 إكتوبر 2025
تُسلّط هذه القضية الضوء على إحدى أهم الخطوات القضائية في مسار العدالة المدنية الدولية، حيث أصدرت هيئة محلفين فدرالية في مانهاتن بالولايات المتحدة حكماً ضد بنك BNP Paribas الفرنسي، بتغريمه تعويضات مالية على خلفية تورّطه في تسهيل تمويلات مكّنت نظام المؤتمر الوطني – الذراع السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين في السودان – من ارتكاب جرائم تطهير عرقي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الأعوام من 2002 إلى 2008.
ويستند هذا التقرير إلى مصادر قضائية رسمية وتقارير من وكالات أنباء كبرى مثل رويترز وفايننشال تايمز، بالإضافة إلى بيانات فريق المحامين الذين مثلوا الضحايا أمام القضاء الأمريكي.
رفعت مجموعة من اللاجئين والناجين السودانيين المقيمين في الولايات المتحدة – تتقدمهم السيدة إنتصار عثمان كاشف وآخرون – دعوى مدنية ضد بنك BNP Paribas S.A. أمام محكمة المقاطعة الجنوبية لنيويورك في 29 أبريل 2016، تحت رقم الملف 1:16-cv-03228.
تولّى تمثيل المدّعين تحالف من مكاتب محاماة دولية مرموقة، من بينها Hausfeld LLP وDiCello Levitt LLP وHecht Partners LLP وZuckerman Spaeder LLP، والذين أكدوا أن القضية تمثل انتصاراً قانونياً وإنسانياً غير مسبوق للضحايا السودانيين.
القضية صُنّفت كـ دعوى مدنية تعويضية بموجب قوانين ولاية نيويورك، وشملت مطالبات قانونية تتعلق بالإهمال، والمساعدة والتحريض على الأفعال غير المشروعة، والتآمر المدني، والوفاة غير المشروعة، والإثراء غير المشروع، وتعمد التسبب في الضرر العاطفي.
استند المدّعون إلى أن بنك BNP Paribas قدّم خدمات مالية ومعاملات مصرفية لحكومة السودان عبر مكتبه في جنيف، مكّنته من الوصول إلى مليارات الدولارات رغم العقوبات الأمريكية المفروضة عليه. واعتُبرت هذه الأموال مصدر تمويل مباشر للحملات العسكرية التي استهدفت المدنيين في دارفور وجبال النوبة وجنوب السودان، وأسهمت في وقوع جرائم قتل جماعي وتهجير قسري وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وخلصت الدعوى إلى أن البنك تصرّف بوعي تام بنتائج أفعاله، وأن خدماته كانت سبباً طبيعياً ومباشراً للأضرار التي لحقت بالمدّعين.
سبق للبنك أن اعترف عام 2014 بخرق العقوبات الأمريكية على السودان وإيران وكوبا، ووافق على دفع غرامة بلغت 8.97 مليار دولار، وهي أكبر غرامة من نوعها في التاريخ الأمريكي. هذا الاعتراف استخدمه المدّعون كدليل على علم البنك المسبق بتعامله مع نظامٍ متهمٍ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
من جانبه، حاول البنك الدفاع عن نفسه بالاستناد إلى مبدأ “أعمال الدولة” الذي يمنع المحاكم الأمريكية من مراجعة تصرفات الحكومات الأجنبية، كما طعن بتعارض القوانين بين التشريعات السويسرية والأمريكية وسعى لإسقاط بعض المطالبات استناداً إلى القيود الإقليمية والحصانات القانونية.
ورغم رفض جزئي للدعوى عام 2018، أعادت محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الثانية إحياء القضية في عام 2019، لتعود مجدداً إلى مسار المحاكمة أمام القاضي ألڤين هيلرستاين، الذي أصدر قرارات مهمة تتعلق بقبول الأدلة وإثبات الضرر المادي والمعنوي.
اعتمدت المحكمة أسلوب “المحاكمة التجريبية النموذجية” (Bellwether Trial) عبر اختيار ثلاثة مدّعين لتمثيل آلاف الحالات المشابهة، وذلك لتقييم مسؤولية البنك ومدى ارتباط خدماته المالية بالأضرار التي لحقت بالضحايا.
وفي 17–18 أكتوبر 2025، أصدرت هيئة المحلفين الفدرالية في مانهاتن حكماً يقضي بتغريم بنك BNP Paribas مبلغ 20.5 مليون دولار أمريكي كتعويضات للمدّعين الثلاثة.
ورأت هيئة المحلفين أن البنك قدّم خدمات مالية مكّنت النظام السوداني من تمويل أعمال عنف وتطهير عرقي، وأن أفعاله كانت سبباً مباشراً في معاناة الضحايا.
يُعد هذا الحكم الأول من نوعه الذي يُحمّل بنكاً عالمياً مسؤولية مدنية عن تسهيل جرائم ضد الإنسانية عبر الدعم المالي غير المباشر، فيما أعلن البنك عزمه استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف الفدرالية.
يمهّد هذا الحكم الطريق أمام أكثر من 20 ألف لاجئ سوداني في الولايات المتحدة لتقديم دعاوى مماثلة، وقد تصل التعويضات المحتملة إلى مليارات الدولارات. كما يُتوقّع أن يشكّل سابقة قانونية تتيح ملاحقة مؤسسات مالية أخرى تعاملت مع أنظمة منتهِكة لحقوق الإنسان.
ومن الناحية القانونية، يُعزّز هذا الحكم مبدأ “المسؤولية المدنية عن التسهيل المالي للجرائم الدولية”، ويفتح الباب أمام تطور مهم في العلاقة بين القانون المالي الدولي وآليات المساءلة الإنسانية.
تعتبر قضية Kashef et al. v. BNP Paribas S.A. علامة فارقة في مسار العدالة الدولية، إذ رسخت مبدأ أن المؤسسات المالية ليست بمنأى عن المساءلة عندما تساهم – عن قصد أو علم – في تمويل أنظمة ترتكب جرائم ضد الإنسانية.
وترى المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية أن هذا الحكم يشكل خطوة تاريخية نحو العدالة والمساءلة، ويجب أن يشجع على تحرّكات مماثلة لمحاسبة كل من أسهم في معاناة الشعب السوداني. كما تؤكد المنظمة دعمها الكامل لجهود الضحايا في نيل حقوقهم القانونية والإنسانية، وتدعو إلى توثيق ومتابعة جميع القضايا ذات الصلة لضمان عدم إفلات أي جهة من العقاب.
للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.