OAAHD

مجزرة الحمّادي والانتهاكات الجسيمة المستمرة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية وميليشياتها المتحالفة

18 مايو 2025
إن المجزرة التي وقعت في منطقة الحمّادي بولاية جنوب كردفان، يوم الأربعاء 14 مايو 2025، ليست حادثة معزولة، بل تمثل امتدادًا لحملة ممنهجة من الفظائع التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية وحلفائها. فمنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، قامت القوات المسلحة السودانية برعاية وتعبئة أكثر من عشرين ميليشيا مسلّحة، من بينها تشكيلات متطرفة مثل درع الشمال، أورطة الشرق، وعدد من الحركات المسلحة الموقعة سابقًا على اتفاق جوبا للسلام، بما في ذلك حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة د. جبريل إبراهيم، والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة مالك عقار. كما شملت هذه القوات مرتزقة من التيغراي، ووحدات من الجيش الإريتري، بالإضافة إلى فصائل إسلامية متشددة مرتبطة بتنظيم داعش.
في الحمّادي، تم ذبح أشخاص  من المدنيين الأبرياء بوحشية على أساس الهوية العرقية. وقد أفاد شهود عيان بأن من بين الضحايا أطفال تقل أعمارهم عن العاشرة، وكان معظم الضحايا من قبيلة الحوازمة، التي استُهدفت بسبب رفضها المشاركة في حملة التجنيد القسري التي أطلقتها القوات المسلحة تحت مسمى “حرب الكرامة”. وقد قاد هذه الحملة كتيبة إسلامية متطرفة تُدعى  “كتيبة البراء”، مرتبطة مباشرة بتنظيم داعش ويقوده مصباح أبو زيد، وهو شخص يخشاه حتى كبار ضباط الجيش السوداني، وعُرف أخيرا بامتياز برفع العلم الوطني فوق القصر الجمهوري بعد انسحاب قوات الدعم السريع.
وخلال مجريات الصراع، قامت الاستخبارات العسكرية وما يُعرف بقوات المهام الخاصة، المتخفية في زي مدني، برصد واستهداف الأفراد والمجتمعات التي تُعارض الحرب، بما في ذلك المدنيين الذين تعايشوا مع قوات الدعم السريع بحكم الواقع، وشباب الثورة الذين شاركوا في انتفاضة 2019 التي أطاحت بعمر البشير، بالإضافة إلى المجموعات الإثنية القادمة من غرب السودان والتي وُصمت زورًا بأنها حاضنة للدعم السريع. وقد استُهدف كذلك النشطاء المحليون وقادة المجتمع المدني الذين انخرطوا في جهود إنسانية. وفي كل منطقة تعود إليها أو تنسحب منها قوات الدعم السريع، تتبعها عمليات قتل خارج القانون وهجمات انتقامية. وقد تكرر هذا النمط في جنوب الخرطوم، ودمدني، وولاية الجزيرة، والحلفايا، والخرطوم بحري، حيث قُتل في الحفايا أكثر من 200 شخص. وفي ولاية الجزيرة وحدها، أُحرقت أكثر من 160 قرية، معظمها كانت معسكرات عمالية (تعرف محليًا بـ “الكنابي”) يسكنها أفراد من أصول غرب سودانية.
وتُعد هذه الأفعال انتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي، خاصة من حيث القتل خارج نطاق القضاء، والاستهداف العرقي، والأساليب المروعة في الإعدام، التي شملت ذبح الضحايا كما تُذبح المواشي. وغالبًا ما يردد الجناة شعارات دينية مثل “الله أكبر” أثناء ارتكابهم لهذه الجرائم، في مشهد يذكّر بممارسات تنظيم داعش في سوريا والعراق.
تُدين المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية بأشد العبارات مجزرة الحمّادي وكل الجرائم المرتكبة من قبل القوات المسلحة السودانية وميليشياتها المتحالفة. وتدعو المجتمع الدولي و  الإقليمي إلى :
•فتح تحقيق دولي مستقل على الفور في مجزرة الحمّادي وسائر المجازر المشابهة؛
•محاسبة جميع الأفراد والقيادات العسكرية المتورطة في التخطيط أو تنفيذ هذه الفظائع؛
•اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين في جميع أنحاء السودان، لا سيما في المناطق التي تتعرض لهجوم من قبل الميليشيات الحكومية التابعة للجيش السوداني؛
•فرض عقوبات موجهة على الجهات التي تسهّل عمل فرق الموت والوحدات المتطرفة؛
•ضمان عدم تحويل أي دعم عسكري أو إنساني إلى الجهات المتورطة في هذه الجرائم.
إن السودان يعيش إحدى أحلك فصول تاريخه الحديث، ولا يمكن السماح لمرتكبي هذه الجرائم أن يفلتوا من العقاب. إن تحقيق العدالة لضحايا الحمّادي وسائر المجازر ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو ضرورة قانونية وسياسية لضمان مستقبل السودان.
للتواصل:
البريد الإلكتروني: ae.humanitarian.dev.org@gmail.com
واتساب: ‎+33 7 58 43 30 53

التعليقات مغلقة.