OAAHD

الانتهاكات الممنهجة للحق في السكن والتهميش القسري في السودان

تُعرب المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية عن بالغ قلقها واستنكارها إزاء الانتهاكات الجسيمة والمتكررة التي يتعرض لها السكان المدنيون في المناطق المهمشة في السودان، ولا سيما ما جرى مؤخرًا في منطقة شرق الأحامدة مربع 13 (أبوكرشولة) بولاية الخرطوم، حيث نُفِّذت عملية إزالة قسرية للسكان في السادس عشر من يونيو 2026، في انتهاك مباشر للحق في السكن، وضرب واضح لمبادئ العدالة الاجتماعية وعدم التمييز المنصوص عليها في القانونين الدولي والإقليمي لحقوق الإنسان.
جرت الإزالة بأوامر صادرة من اللجنة الأمنية بالولاية، برئاسة الوالي المكلّف أحمد عثمان همزة، وبقيادة ميدانية لضابط برتبة مقدم، رافقه وكيل نيابة وعدد من مهندسي حماية الأراضي، باستخدام ثلاث آليات ثقيلة (لودرات)، ما يؤكد الطبيعة المنظمة للعملية، وتوافر القصد والإرادة السياسية وراءها.
وقد أسفرت هذه العملية عن تدمير منازل أكثر من 200 أسرة كانت تقطن المنطقة منذ عام 2010، بموجب شهادات حيازة رسمية صادرة من محلية بحري، بعد دفع الرسوم المستحقة. رغم ذلك، لم يُمنح السكان أي بدائل سكنية، أو فرص للتظلم، أو إشعارات قانونية ملائمة قبل الإزالة، كما تُركوا في العراء دون مأوى، وفي ظروف إنسانية بالغة القسوة. ويُشكل السكان خليطًا من الفئات الأكثر هشاشة: أرامل، أمهات ، أطفال، أشخاص مسنين، وذوي دخل محدود، ما يزيد من فداحة الجريمة ووطأتها الحقوقية والإنسانية.
من الناحية القانونية، كانت الجهات المختصة قد زارت الموقع، بما في ذلك مصلحة الأراضي ووزارة التخطيط العمراني – إدارة تنمية الريف، وأجرت عملية إرشاد فني أثبتت أن المنطقة تقع ضمن القطع: 1/12، 1/1/3، 1/1/4 بمنطقة مطري أم ضريوة، ما يُشير إلى نية سابقة لتقنين الوضع، بموجب توجيهات نائب المدير العام لمصلحة الأراضي – بحري شمال. رغم ذلك، أُجهضت عملية التقنين لصالح تنفيذ الإزالة، في تجاهل فاضح للعدالة الإجرائية وحق السكان في الحيازة الآمنة.
لقد مثّلت هذه الإزالة امتدادًا لسلسلة من السياسات التمييزية التي وُجهت ضد هذه الفئة من السكان في السنوات الماضية، ولا سيما في عهد والي الخرطوم الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، والذي اتسمت سياساته بالقمع والتجريف، وحرمان المنطقة من المياه والكهرباء والخدمات الأساسية، بل وفرض قيود على تمديدات المياه بذريعة “عدم التقنين”، في انتهاك صريح للحق في المياه والكرامة الإنسانية.
إن هذه الانتهاكات الممنهجة لا يمكن فهمها بمعزل عن السياق الأوسع للتمييز الإثني والجغرافي في السودان، إذ تسعى جهات نافذة إلى تفريغ الحزام السكاني المحيط بالعاصمة من المجموعات غير المرتبطة بمراكز النفوذ التقليدية، خصوصًا تلك الآتية من ولايات الهامش، بينما تُمنح الامتيازات والخدمات للمجموعات المنحدرة من منطقة نهر النيل، في نمط واضح من الهندسة الديمغرافية ذات الطابع العنصري، والذي يُعد انتهاكًا لمبدأ المساواة وعدم التمييز، ومقدمة خطيرة لجرائم ضد الإنسانية.
وتزامنًا مع هذه الحادثة، شهدت ولايتا الخرطوم والجزيرة موجة جديدة من الإخلاءات القسرية. ففي ولاية الجزيرة، أفاد مواطنون من مناطق الكنابي أن سلطات محلية، مدعومة بميليشيات مسلحة، تمارس اعتداءات ممنهجة ضد السكان على خلفية انتماءاتهم العرقية أو الجغرافية، في إطار حملة تهجير مدروسة. وقد أفاد السكان في قرية “الخيرات” بشرق النيل، بإزالة منازلهم .
إن تواتر هذه العمليات، في ظل الحرب المستعرة وانهيار مؤسسات الدولة، يشير إلى وجود استراتيجية ممنهجة للإقصاء والتجريف السكاني تُدار من مراكز النفوذ في السلطة الفعلية القائمة ببورتسودان، باستخدام أدوات الدولة العسكرية والإدارية، وبتواطؤ واضح من بعض الأجهزة القضائية والنيابية.
مناشدات عاجلة:
تدعو المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية إلى تحرك عاجل من الجهات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، وعلى رأسها:
1.بعثة الأمم المتحدة الدولية لتقصي الحقائق بشأن السودان:
للتحقيق الفوري في عمليات الإخلاء القسري التي تمت في منطقة شرق الأحامدة وغيرها من المناطق في الخرطوم والجزيرة، باعتبارها ترقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة التي قد تندرج ضمن نطاق الاضطهاد والتمييز المنهجي.
2.المفوضية السامية لحقوق الإنسان واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب:
لاتخاذ خطوات عملية في توثيق الانتهاكات ودعم الضحايا وتمكينهم من التماس العدالة والمساءلة.
3.آليات الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة (لا سيما المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق، والمقرر الخاص المعني بالتمييز العنصري):
لدراسة هذه الممارسات وإصدار تقارير رسمية تدين السلطات المتورطة، وتسهم في خلق ضغط دولي على السلطة القائمة.
4.منظمات الإغاثة والعدالة الدولية:
لتقديم الدعم الطارئ للأسر المتضررة، وتوثيق الانتهاكات بما يضمن حفظ حقوق الضحايا وتسهيل الوصول إلى الإنصاف.
إن استهداف الفئات المهمشة وإفقارها، وتجريفها من أراضيها، يمثل خطرًا وجوديًا على وحدة السودان ومستقبله، ويهدد بتوسيع رقعة التوتر العرقي والاجتماعي. إن العدالة تبدأ بالاعتراف، وتنضج بالمساءلة، ولا تُؤجل في زمن الخراب.
للتواصل: مع
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: oaahd11@gmail.com
وتساب:+33753936781
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en

التعليقات مغلقة.