كوكبنا.. مسؤوليتنا المشتركة
المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية
كوكبنا.. مسؤوليتنا المشتركة
في هذا اليوم 22 أبريل الذي يحتفي فيه العالم بيوم الأرض، نستحضر معًا مسؤوليتنا الأخلاقية والإنسانية لحماية كوكبنا من التدهور، وصون موارده للأجيال القادمة. إن شعار العام 2025: “كوكبنا.. مسؤوليتنا المشتركة” ليس مجرد عبارة احتفالية، بل دعوة صريحة للوقوف أمام الانتهاكات البيئية المتواصلة، خاصة في الدول التي مزقتها الحروب، وتحكمها أنظمة مستبدة تتاجر بثرواتها وتنهب مقدرات شعوبها.
وفي السودان، لا يمر هذا اليوم مرور الكرام، بل يعيد فتح جراح البيئة السودانية المنهكة التي تعرضت على مدى عقود لانتهاكات مروعة، لا تقل خطورة عن جرائم الحرب. فقد أسهمت النخب الحاكمة، بتواطؤ مباشر أو غير مباشر، في تدمير ممنهج للبيئة، من أجل مصالح ذاتية وصفقات فاسدة، أطاحت بالغطاء النباتي، وأفسدت التربة، وسممت المياه، وشرّدت البشر.
أولًا: تدمير المحميات الطبيعية وبيعها لمستثمرين مقابل رشاوى
شهدت محمية الدندر الطبيعية – واحدة من أندر النظم البيئية في إفريقيا – عمليات تجريف وإزالة وتعديات فادحة، تمت بتسهيلات من نافذين في السلطة، بينهم مسؤولون كبار على رأسهم رئيس الدولة السابق. فقد تم تسهيل بيع أجزاء واسعة من المحمية لمستثمرين مقابل رشاوى، مما أدى إلى القضاء على التنوع الحيوي فيها، وتهديد مصير عشرات الأنواع من الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.
ثانيًا: التعدي على الأراضي الزراعية الخصبة في ولاية الجزيرة
في واحدة من أكثر الجرائم البيئية صمتًا، قامت السلطة بتمكين جهات تجارية من بناء مصانع كيماوية على حساب الأراضي الزراعية الغنية في ولاية الجزيرة، مما أدى إلى تهجير آلاف السكان المحليين قسرًا، وفقدانهم مصادر رزقهم. وبهدف تحقيق أرباح فاسدة، استوردت السلطات نفايات صناعية خطيرة من دول أخرى، وتم دفنها في أراضي السودان، في صفقات سرية مشبوهة، أثبتت التحقيقات تورط مسؤولين حكوميين فيها.
ثالثًا: التلوث وانتشار الأمراض الخطيرة
أدت هذه السياسات إلى كوارث صحية غير مسبوقة. فانتشرت أمراض سرطانية فتاكة بين السكان، خاصة في المناطق القريبة من مواقع دفن النفايات، حتى الأطفال لم يسلموا من هذه المأساة، إذ تشير التقارير الطبية إلى آلاف حالات الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا)، من بينهم مئات الأطفال الذين يواجهون المصير دون رعاية أو تعويض، وسط تجاهل تام من الجهات الرسمية.
رابعًا: إبادة الغابات وقطع الأشجار المعمّرة
مارست القيادات العسكرية، منذ عقود، عمليات قطع منظم لأشجار الغابات في جنوب السودان سابقًا، والنيل الأزرق، ودارفور. وتم ذلك تحت ستار “مشروعات قومية”، بينما الحقيقة هي تجارة جشعة في الأخشاب الفاخرة. فتم محو غابات كاملة، وتحولت مناطق شاسعة إلى أرض جرداء لا حياة فيها، مما أسهم في تغيير المناخ المحلي وتهديد الأمن الغذائي.
خامسًا: الاستخراج العشوائي للبترول والتعدين المسموم
لم تحترم السلطات أي معايير للسلامة البيئية أو حقوق الإنسان عند بدء استخراج النفط. فتم نزع الأراضي من الأهالي بالقوة، وتجريفها دون تعويض أو حماية بيئية، مما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من المواشي وتدمير الزراعة المحلية. وفي السنوات الأخيرة، أصبح التعدين العشوائي مشهدًا مألوفًا، يتم فيه استخدام مواد كيميائية شديدة السمية مثل الزئبق والسيانيد، ما أدى إلى تسمم التربة والمياه وانتشار الأمراض بين السكان، خاصة في ولايات كردفان ودارفور والنيل الأزرق و الشمالية.
إننا في المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية نطالب بـ:
1.فتح تحقيق دولي مستقل حول الجرائم البيئية التي وقعت في السودان منذ العام 1989 حتى اليوم، ومحاسبة المسؤولين عنها.
2.إيقاف جميع أشكال التعدين العشوائي واستخدام المواد السامة، وتبني سياسات بيئية مستدامة تخضع للرقابة والمحاسبة.
3.إعادة تأهيل المناطق المتضررة بيئيًا، وتعويض المتضررين، خاصة في المناطق التي تم فيها دفن النفايات أو بناء مصانع كيماوية ملوثة.
4.إعلان محمية الدندر منطقة محمية دوليًا تحت إشراف منظمات بيئية مستقلة لضمان عدم استمرار العبث بها.
5.حظر استيراد أي نفايات صناعية أجنبية إلى الأراضي السودانية، ومراجعة كافة الاتفاقيات السرية التي أبرمت بهذا الشأن.
6.تبني سياسات بيئية وطنية شاملة تستند إلى العدالة البيئية وتراعي مصلحة الأجيال القادمة.
إن حماية البيئة في السودان ليست خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة وجودية ترتبط مباشرة بمصير السكان وسلامتهم وصحتهم. إن الصمت الدولي عن الجرائم البيئية المرتكبة في السودان، هو تواطؤ ضمني مع الجريمة. وفي يوم الأرض، نذكّر العالم بأن الإنصاف البيئي هو جزء لا يتجزأ من العدالة الشاملة التي ننشدها.
صادر عن
المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية
التاريخ: 22 أبريل 2025
للتواصل:
Email: aeohda.org@gmail.com
WhatsApp: +33 7 58 19 34 17
https://Oaahd.com
https://oaahd.org/en
التعليقات مغلقة.